لماذا تعلق شعراؤنا القدامى و المحدثون بدمشق؟ و لماذا أحبوها و كتبوا عنها وو صفوها بأشعارهم؟ و لا شك في أن الاجابة أنه ليس لتاريخها العريق فقط و انما لطبيعتها الخلابة ومناخها العليل و غوطتها الغناء و أنهارها السبعة حتى ان شعراء كثرا قالو : (ان دمشق جنة الله على الارض).
زار دمشق شعراء كثر فلم يستطيعوا الا و صفها و التغني بمحاسنها و جمالها,و لم يستطيعوا اخفاء عشقهم وولعهم بها و رحل عنها بعض شعرائها مضطرا و لكنها ظلت في قلوبهم ماثلة أبدا.
زارها احمد شو قي أمير الشعراء فقال في وصف دخول دمشق و كيف استقبلته طبيعتها الساحرة:
آمنت بالله و استثنيت جنته...... دمشق روح وجنات وريحان
و قال يصف أمجادها:
لولا دمشق لما كانت طليطلة ....... ولا زهت ببني العباس بغدان
و هو صاحب البيت الشهير:
قم نا جي جلق و انشد رسم من بانوا.........مشت على الرسم أحداث و أزمان
و لدمشق أربعة أسماءو هي:
"جلق" و هو مكان يقع جنوب دمشق استوطنه الغساسنة.
"الفيحاء" وهي الواسعة من الدور والمدن.
"دمشق" و هو الاسم المنق من الرومانية اللاتينية و أطلقوا عليه (داماسكوس) و تعني العطر المضاعف أي عطر مناخها الجميل و عطر أزاهيرهاو ريا حينيها الفواحة التي تشتهر بها و منها الفل و الياسمن و الجوري والزنبق .
أما الاسم الاخير فهو "جيرون"
في الاربعينيات زار ايليا أ بي ماضي دمشق فكتب فيها قصيدة بعنوان (جلق الفيحاء) تعجب فيها من هذه المدينة الرائعة الجمال فقال :
انا لست في دنيا الخيال و لا الكرى .......و كأنني فيها لروعة ما أرى!
كيف التفت رأيت آية شاعر ............ لبق تعمد ان يجيد فينهرا
و يعدد محاسن دمشق و جمال طبيعتها قائلا:
ما جلق الفيحاء سوى انشودة .......الله غناها فجن لها الورى
خلع الزمان شبابها في ارضها.......فهوا خضرار السفوح و في الذرا
و لكنه يعجز عن تصوير اعجاز دمشق فيعتذر قائلا:
حاولت وصف جمالها فكأنني .......ولد بأنمله يحوش الابحرا
أدركت تقصيري و ضعفي عندما...... ابصرت ما صنع الاله وصورا
اني شهدت الحسن غير مزيف......بئس الجمال مزيفا و مزورا
و جورج صيدح كان عاشقا لمدينته و مسقط راه يصف دمشق بابيات تنم عن تعلقه فيها و حنينه الدائم اليها, قال فيها:
دمشق ان قلت شعرا فيك ردده ......قلب كأن خفوق القلب أوزان
أنا وليدك يا أماه كم ملكت ....... ذكراك نفسي وكم ناداك وجدان
منذ افترقنا نعيم العيش فارقني........ و الهم و الغم اشكال و الوان
دمشق ان أشجت الاوطان مغتربا ......اني لاوجع من أشجته أوطان
و في منا سبة أخرى يقول:
يا مسقط الرأس و الارحام تجمعنا......حاشا تغيرني في حبك الغير
أنى يميني ولا أنساك يا وطنا .......فيك ابتدا..ليته فيك انتهى العمر
ووصف سليم الزركلي دور دمشق في الوطنية و الجهاد قائلا:
أ"دمشق"ما انت الغداة بثاكل.........ما انت بالناديالخضيب العاني
ما انت بالبلد المضيع حقه.........ما انت بالوطن القليل الشان
رضت الجهاد فما استكان لغاضب..... ولقد خططت ملاحم الفرسان
و عشقها محمد كرد علي شاعر دمشق و سقاهامن روحه و نشر عبيرها في مشرق الارض و مغربها ,يقول:
الفل يبدأ من دمشق بياضه ...... وبعطرها تتطيب الاطياب
و الحب يبدأ من دمشق فأهلنا......عبدوا الجمال و ذوبوه و ذابوا
فالدهر يبدأ من دمشق وعندها ......تبقى اللغات و تحفظ الانساب
و دمشق تعطي للعروبة شكلها ...... وبارضها تتشكل الاحقاب
و في قصيدة (ترصيع بالذهب على سيف دمشقي ) يقول:
هاهي الشام بعد فرقة دهر...... أنهر سبعة وحور عين
آه يا شام كيف أشرح ما بي ....... وانا فيك دائما مسكون
يا دمشق التي تفشى شذاها ......تحت جلدي كأنه الزيزفون
و يقول:
علمينا فقه العروبة يا شام ..... فأنت البيان والتبين
كتب الله أن تكوني دمشقا ....... بك يبدأو ينتهي التكوين
و خير ما نختتم به حديثنا عن دمشق أبيات لنزار قباني كتبها عام 1986 , قال فيها:
فرشت فوق ثراك الطاهر الهدبا.......فيا دمشق لماذا نبدأ العتبا؟
حبيبتي انت فاستلقي كأغنية ......على ذراعي ولا تستوضحي السببا
أنا قبلة عشاق بكاملها......ومن دموعي سقيت البحر و السحبا
كم مبحر و هموم البر تسكنه.....و هارب من قضاء الحب ما هربا
يا شام ان جراحي لا ضفاف لها .......فامسحي عن جبيني الحزن و التعبا